ان عقد الايجار في سلطنة عمان منظم بموجب عده قوانيين فلما كان يوجد التنظيم الخاص لهذا العقد بموجب المرسوم السلطاني رقم 6/89 في شأن العلاقة بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية وتسجيل عقود الايجار الخاصة بها وما لحق بهذا القانون من تعديلات بموجب المرسوم السلطاني رقم 72/2008 والمرسوم السلطاني رقم 107/2010 ، وبصدور قانون المعاملات المدنية بالمرسوم السلطاني رقم 29/2013 أكتمل التشريع في كل ما يتعلق بعقود الايجار فقد تناول قانون المعاملات المدنية عقد الايجار في الباب الثاني منه وخصص فصلا كاملا لعقد الايجار على اعتبار انه من عقود المنفعة وتناوله في المواد من 516 ولغاية 560 وتناول بعد ذلك لبعض الانواع الخاصة من عقود الايجار منها ايجار الاراضي الزراعية.
وان ما يعنينا الحديث عنه هو عقد الايجار لما يلامسه هذا العقد من حاجتين متقابلتين لدى الاشخاص طبيعين كانو ام اعتباريين فلما كان عقد الايجار لدى البعض عباره عن حاجة لتوفير مسكن مؤقت او مقر للاعمال ويمسى المستأجر فإنه يمثل في المقابل نوع للاستثمار بالنسبة لطرفه الاخر والذي يسمى المؤجر وسوف نتناول بنوع من الايجاز بعض ابرز ما يدور في فلك عقود الايجار بدأً من تعريفة والتزامات طرفى عقد الايجار والحالات التي ينتهي بها عقد الايجار وكذلك بعض المسائل الخاصة وهي زيادة الاجرة واساسها القانوني واخيراً المسلك القانوني لاخلاء العين المؤجره.
أولا: تعريف عقد الايجار:
عرفت المادة (516) من قانون المعاملات المدنية المشار إليه عقد الايجار بقولها : (الايجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينه لقاء عوض معلوم.)
ومن خلال هذا التعريف يمكن ان نستخلص اهم خصائص عقد الايجار 1- ان عقد الايجار عقد من عقود المعاوضة 2- ان عقد الايجار يقع التراضي عليه في ثلاثة عناصر وهي منفعة العين المؤجره والمدة ومقدار الأجر. 3- ان عقد الايجار هو عقد زمني لما أن عنصر المدة فيه من العناصر الجوهرية. 4- ان عقد الايجار ملزم للجانبين في التزامات الشخصية وبالتالي فهو لا ينشىء حقاً عينياً في العين المؤجره.
كما أشترط قانون المعاملات المدنية المشار إليه شرطين في العين المؤجره هما ان تكون مقدورا على استيفائها بحيث لا يستحيل الانتفاع بها وان تكون معلومة علما كافيا لحسم النزاع فلا تكون مجهله غير مقدور على حصرها او تعيينها. اما عن شروط الاجرة فقد اشترط كذلك قانون المعاملات المدنية ان تكون الاجرة معلومة وذلك بتعيين نوعها ومقدارها إن كانت من النقود وبيان نوعها ووصفها وتحديد مقدارها ان كانت من غير النقود وعليه فان الاجرة يجوز ان تكون عينا أو دينا أو منفعة وكل ما صلح ثمنا في البيع، وفي المقابل لذلك فان الاجرة لو كانت مجهولة جاز فسخ العقد ولزم أجر المثل عن المدة الماضية قبل الفسخ.
ثانيا: إلتزامات المؤجر.
ان اول وأهم التزام يقع على الموجر بموجب ما نصت عليه المادة 531 من قانون المعاملات المدنية والمادة 9 مكررا من المرسوم السلطاني رقم 72/2008 في شأن العلاقة بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية وتسجيل عقود الايجار الخاصة بها هو التزامه بتسليم العين المؤجره صالحة لتحقيق الغرض المؤجر من أجلها فان كانت عباره عن مسكن فيسلمها بحالة يمكن ان يسكن فيها المستأجر وان كانت لغرض تجاري فيسلمه إليها كذلك فلا يجوز ان يسلم مؤجر المستأجر شقة للسكن بدون سقف مثلا أو ان يسلمه بناية لغرض تجاري لم توصل الكهرباء لها. كما يقع على المؤجر التزام بأن يقوم بإصلاح ما يحدث من خلل في الشيء المؤجر ويؤثر في إستيفاء المنفعة المقصودة، كما ان المؤجر يضمن ما يوجد في العين المؤجرة من عيوب تحول دون الانتفاع بها وإلا انه لا يضمن العيوب التي كان المستأجر يعلم بها وقت التعاقد.
كما انه من ضمن التزامات المؤجر ان يقوم بتسجيل عقد الايجار لدى البلدية المختصة طبقا للنوذج المعد لذلك (عقود البلدية) وذلك إذا لم يتفق الطرفان على ان يقوم المستأجر بذلك. كما ان المؤجر هو الملزم بسداد رسوم تسجيل عقد الايجار لدى البلدية ويجوز للمستأجر سداد تلك الرسوم وخصمها من الأجرة.
ثالثا: التزامات المستأجر.
يتوجب على المستأجر ان يقوم بالوفاء بالأجرة في المواعيد المحددة والمتفق عليها بين طرفى عقد الايجار خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ استحقاقها مقابل ايصال يفيد الأداء كما يلتزم بسداد فواتير الكهرباء والمياه والهاتف والصرف الصحي ، كما يلتزم المستأجر بعدم تأجير العين المؤجرة من الباطن إلا بعد الحصول على الموافقة الكتابية من المؤجر، وأخيرا يلتزم المستأجر بالاضافة إلى المحافظة على العين المؤجرة والعناية بها وتنظيفها بأن يسلمها إلى المؤجر بنهاية عقد الايجار بالحالة التي تسلمها عليها، إلا ما يكون قد أصابه من هلاك أو تلف بسبب الاستعمال العادي او لا يد له فيه أما ما ينتج عن سوء الاستعمال فان عليه أن يقوم بإصلاحه. وفيما يتعلق بالزيادات او التحسنات التي يقوم المستأجر بإدخالها على العين المؤجرة مثل المزروعات او الديكور وغيره فانه أن كانت بموافقه من المؤجر فعلى المؤجر ان يلتزم برد ما أنفقه المستأجر من مبالغ على هذه الزيادات إلا اذا اتفقا مسبقا على عدم التعويض أما وأن استحدثت بغير أذن المؤجر فلا تعويض للمستأجر ويحق للمؤجر أن لم يرغب بها ان يلزم المستأجر بإزالتها وله ان يطلب التعويض عن الضرر الذي قد يصيب العين المؤجرة من جراء هذه الزيادات.
رابعا: زيادة الاجرة.
نظم المرسوم السلطاني رقم 6/89 في شأن العلاقة بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية وتسجيل عقود الايجار الخاصة بها وما لحقه من التعديلات المشار إليها مسالة زيادة الأجرة وقد نصت المادة 6 – وفق أخر تعديل – على : ( لا يجوز زيادة أجرة المحال السكنية والتجارية والصناعية وغيرها إلا بعد مضي ثلاث سنوات من تاريخ بدء عقد الايجار أو تاريخ آخر زيادة متعاقد عليها، إلا إذا اتفق على خلاف ذلك).
وعليه نستنج من هذا النص الاتي: 1- ان الاصل خلال الثلاث سنوات الاولى على بدء عقد العلاقة الايجارية لا يجوز زيادة الاجره والاستثناء ان يتم الاتفاق بين طرفى عقد الايجار على غير ذلك كأن يتفقوا مسبقا ان تكون الاجرة في السنة الاولى مبلغ 200 ريال عماني شهرياً وفي السنة الثانية 250 ريال عماني شهرياً وهكذا.
2- أن المؤجر ان كان قد قام بزيادة مبلغ الاجرة فانه يمتنع من تاريخ هذه الزيادة ولغاية مضي ثلاث سنوات عن طلب الزيادة، ويتثنى من ذلك فيما اذا طلب المستأجر إجراء بعض التحسينات أو الاضافات في المحل المؤجر وقام المؤجر بتنفيذها ويراعى في تقدير الزيادة ان تتناسب مع تكلفة هذه التحسينات أو الاضافات.
3- أن العبرة في احتساب مده الثلاث سنوات من تاريخ بدء العلاقة الايجارية وليس من تاريخ عقد الايجار وفي ذلك فرق شاسع فقد يرد يبدأ اخر عقد الايجار مثلا من تاريخ 1/1/2013 رغم وجود عقد إيجار سابق وهذا العقد هو عبارة عن تجديد وعليه فإن القانون تنبه لهذه المسالة التي كانت محل خلاف في النص سابقا بأن حددها بتاريخ بدء العلاقة الايجار ويقصد بها التاريخ الفعلي الذي تسلم بموجبه المستأجر لاول مره العين المؤجره وقام بالسداد الاجرة مقابل عنها.
رابعاً: إنتهاء عقد الايجار.
ينتهي عقد الايجار بالطريق الطبيعي له وهو انتهاء مدته المحدده في العقد ما لم يشترط تجديده تلقائيا كما ينتهي عقد الايجار بالفسخ وذلك بعد موافقه الطرفين على انهاءه، واذا ما تحدثنا عن الطرق الغير اعتيادية لانهاء عقد الايجار والتي تتمثل فيما يسمى بالاخلاء أن كانت من جانب المؤجر وللاخلاء اسباب نظمها القانون وحدد طرقها وسوف نستعرضها بشيء من الايجاز ولما كان الاصل العام وفقا للمرسوم السلطاني رقم 6/89 في شأن العلاقة بين ملاك ومستأجري المساكن والمحال التجارية والصناعية وتسجيل عقود الايجار الخاصة بها وما لحقه من التعديلات المشار إليها وفقد نصت المادة 6 مكررا من اخر تعديل على : (لايجوز للمؤجِّر أنْ يطلب من المستأجر إخلاء المحل المؤجَّر قبل مضيِّ ثلاث سنوات من تاريخ بدء عقد الإيجار إذا كان المحل مؤجَّرا لغرض سكني، وخمس سنوات إذا كان مؤجَّرا لغرض تجاري أو مهني أو صناعي، ما لم يُتَّفق على خلاف ذلك. فإذا رغب المؤجِّر – بعد انقضاء المدة – في عدم تجديد العقد كان عليه إخطار المستأجر بذلك قبل انتهاء مدة العقد بثلاثة أشهر على الأقل ) وعليه فانه كأصل عام وخلال المدد التي نصت عليها المادة 6 مكررا لا يجوز للمؤجر طلب الاخلاء ويستثنى من ذلك ما نصت عليه المادة 7 من حالات يجوز بموجبها للمؤجر طلب الاخلاء وهي 1- إذا لم يدفع المستأجر الأجرة المتفق عليها وفق شروط العقد خلال خمسة عشر يوما من تاريخ استحقاقها، ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل الفصل في النزاع بأداء الأجرة المستحقة مع كافة ما تحمله المؤجِّر من مصروفات التقاضي. إذا تكرر تأخر المستأجر في سداد الأجرة لمرة ثانية دون عذر مقبول تقضي المحكمة بالإخلاء 2- إذا استعمل المستأجرالعين المؤجره أو أذن باستعماله في غير الغرض الذي استؤجر من أجله او كان استعماله ضارا بالمحل المؤجر أو بالصحة العامة أو بطريقة مقلقة للراحة أو منافيا للاداب. 3- إذا أجر العين المؤجره او تنازل عنها للغير دون إذن مكتوب من المؤجر ويتثنى من ذلك المحال التجارية والمهنية والصناعية فيجوز أن يكون التنازل عنها شاملاً لعقد الايجار. 4-أذا احتاج المؤجر للعين المؤجرة لغرض سكني بنفسه أو بأحد اقاربه من الدرجيتين الاولى والثانية ولم يكن لديه أو لقريبه محل آخر خال. وبالنسبة للمحال التجارية فإذا احتاج المؤجر بنفسه لشغلها او لزوجه او احد اقاربه من الدرجة الاولى فقط وبذلك فان المحال السكنية يمكن ان تخلى بسبب الحاجة لشغلها من قبل اقارب المؤجر حتى الدرجة الثانية بخلاف المحال التجارية والصناعية والمهنية فانه يقتصر على الاقارب من الدرجة الاولى 5- إذا قررت البلدية المختصة الترخيص بهدم المحل المؤجر إذا أصبح آيلا للسقوط أو بناء على طلب المؤجر لإعادة بنائه، وفي هذه الحالة يمنح المستأجر مهلة للغخلاء قدرها ثلاثة شهورإذا كان لسبب لإعادة السقوط وعليه فإذا تحقق احدى الاسباب الخمسة فإن يمكن للمؤجر طلب الاخلاء العين المؤجره.
واذا ما عرجنا إلى مسالة قد تحقق وهي عدم قبول المؤجر استلام الاجره دفعا منه لاثبات إخلاء المستأجر في سداد الأجر حتى يتمكن من أخلائه فقد نظم القانون هذه المسألة بأن اتاح للمستأجر مكنه ايداع الاجرة باسم المؤجر لدى أمانه سر المحكمة المختصة (التي يقع العقار في دائرتها) ويعتبر إيصال الايداع سند لإبراء ذمة المستأجر من الأجرة بالقدر المردع، وعلى المستأجر وامانة سر المحكمة المختصة إخطار المؤجر بالإيداع.
كما انه ومثلما اسلفنا ان عنصر الزمن في عقود الايجار من العناصر الجوهرية ومع تنبه القانون لهذه المسالة على صعيد الدعاوى المتعلقة بعقود الايجار فانه قد ميزها بميزه ان تكون الاحكام الصادره في منازعات العلاقة الايجارية مشموله بالنفاذ المعجل، مما يعني انها تنفذ فور صدورها دون تتقيدها بمدة الاستئناف.